Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة يس - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يس (1) (يس) mp3
وَهِيَ مَكِّيَّة بِإِجْمَاعٍ . وَهِيَ ثَلَاث وَثَمَانُونَ آيَة ; إِلَّا أَنَّ فِرْقَة قَالَتْ : إِنَّ قَوْله تَعَالَى " وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ " [ يس : 12 ] نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلِمَةَ مِنْ الْأَنْصَار حِين أَرَادُوا أَنْ يَتْرُكُوا دِيَارَهُمْ , وَيَنْتَقِلُوا إِلَى جِوَار مَسْجِد الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى مَا يَأْتِي . وَفِي كِتَاب أَبِي دَاوُدَ عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ ) . وَذَكَر الْآجُرِّيّ مِنْ حَدِيث أُمّ الدَّرْدَاء عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ مَيِّت يُقْرَأ عَلَيْهِ سُورَة يس إِلَّا هَوَّنَ اللَّه عَلَيْهِ . وَفِي مُسْنَد الدَّارِمِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ سُورَة يس فِي لَيْلَةٍ اِبْتِغَاءَ وَجْه اللَّه غُفِرَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة ) خَرَّجَهُ أَبُو نُعَيْم الْحَافِظ أَيْضًا . وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْء قَلْبًا وَقَلْب الْقُرْآن يس وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّه لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَة الْقُرْآن عَشْر مَرَّات ) قَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب , وَفِي إِسْنَاده هَارُون أَبُو مُحَمَّد شَيْخ مَجْهُول ; وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق , وَلَا يَصِحّ حَدِيث أَبِي بَكْر مِنْ قِبَل إِسْنَاده , وَإِسْنَاده ضَعِيف . وَعَنْ عَائِشَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ فِي الْقُرْآن لَسُورَةً تَشْفَع لِقُرَّائِهَا وَيُغْفَر لِمُسْتَمِعِهَا أَلَا وَهِيَ سُورَة يس تُدْعَى فِي التَّوْرَاة الْمُعِمَّة ) قِيلَ : يَا. رَسُول اللَّه وَمَا الْمُعِمَّة ؟ قَالَ : ( تَعُمّ صَاحِبَهَا بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَتَدْفَع عَنْهُ أَهَاوِيلَ الْآخِرَة وَتُدْعَى الدَّافِعَة وَالْقَاضِيَة ) قِيلَ : يَا رَسُول اللَّه وَكَيْف ذَلِكَ ؟ قَالَ : ( تَدْفَع عَنْ صَاحِبِهَا كُلّ سُوء وَتَقْضِي لَهُ كُلّ حَاجَة وَمَنْ قَرَأَهَا عَدَلَتْ لَهُ عِشْرِينَ حَجَّة وَمَنْ سَمِعَهَا كَانَتْ لَهُ كَأَلْفِ دِينَار تَصَدَّقَ بِهَا فِي سَبِيل اللَّه وَمَنْ كَتَبَهَا وَشَرِبَهَا أَدْخَلَتْ جَوْفَهُ أَلْفَ دَوَاء وَأَلْف نُور وَأَلْف يَقِين وَأَلْف رَحْمَة وَأَلْف رَأْفَة وَأَلْف هُدًى وَنُزِعَ عَنْهُ كُلّ دَاء وَغِلّ ) . ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ مِنْ حَدِيث عَائِشَة , وَالتِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مُسْنَدًا . وَفِي مُسْنَد الدَّارِمِيّ عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : مَنْ قَرَأَ " يس " حِين يُصْبِح أُعْطِيَ يُسْر يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِيَ وَمَنْ قَرَأَهَا فِي صَدْر لَيْلَته أُعْطِيَ يُسْر لَيْلَته حَتَّى يُصْبِح . وَذَكَرَ النَّحَّاس عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى قَالَ : لِكُلِّ شَيْء قَلْب , وَقَلْب الْقُرْآن يس مَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا كُفِيَ هَمَّهُ , وَمَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا غُفِرَ ذَنْبه . وَقَالَ شَهْر بْن حَوْشَب : يَقْرَأ أَهْل الْجَنَّة " طه " و " يس " فَقَطْ . رَفَعَ هَذِهِ الْأَخْبَار الثَّلَاثَة الْمَاوَرْدِيّ فَقَالَ : رَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْء قَلْبًا وَإِنَّ قَلْب الْقُرْآن يس وَمَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَة أُعْطِيَ يُسْر تِلْكَ اللَّيْلَة وَمَنْ قَرَأَهَا فِي يَوْم أُعْطِيَ يُسْرَ ذَلِكَ الْيَوْم وَإِنَّ أَهْل الْجَنَّة يُرْفَع عَنْهُمْ الْقُرْآن فَلَا يَقْرَءُونَ شَيْئًا إِلَّا طه وَيس ) . وَقَالَ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير : بَلَغَنِي أَنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَة " يس " لَيْلًا لَمْ يَزَلْ فِي فَرَح حَتَّى يُصْبِح , وَمَنْ قَرَأَهَا حِين يُصْبِح لَمْ يَزَلْ فِي فَرَح حَتَّى يُمْسِي ; وَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ جَرَّبَهَا ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ وَابْن عَطِيَّة , قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَيُصَدِّق ذَلِكَ التَّجْرِبَةُ . وَذَكَرَ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَنْ عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الصَّلْت عَنْ عُمَر بْن ثَابِت عَنْ مُحَمَّد بْن مَرْوَان عَنْ أَبِي جَعْفَر قَالَ : مَنْ وَجَدَ فِي قَلْبه قَسَاوَة فَلْيَكْتُبْ " يس " فِي جَام بِزَعْفَرَانٍ ثُمَّ يَشْرَبُهُ ; حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّه قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْرَم بْن حَوْشَب , عَنْ بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , عَنْ الْمُعْتَمِر بْن أَشْرَفَ , عَنْ مُحَمَّد بْن عَلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْقُرْآن أَفْضَل مِنْ كُلّ شَيْء دُون اللَّه وَفَضْل الْقُرْآن عَلَى سَائِر الْكَلَام كَفَضْلِ اللَّه عَلَى خَلْقه فَمَنْ وَقَّرَ الْقُرْآن فَقَدْ وَقَّرَ اللَّه وَمَنْ لَمْ يُوَقِّرْ الْقُرْآن لَمْ يُوَقِّرْ اللَّه وَحُرْمَة الْقُرْآن عِنْد اللَّه كَحُرْمَةِ الْوَالِد عَلَى وَلَده . الْقُرْآن شَافِع مُشَفَّع وَمَاحِل مُصَدَّق فَمَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآن شُفِّعَ وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآن صُدِّقَ وَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّة وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّار . وَحَمَلَة الْقُرْآن هُمْ الْمَحْفُوفُونَ بِحُرْمَةِ اللَّه الْمُلْبَسُونَ نُور اللَّه الْمُعَلَّمُونَ كَلَام اللَّه مَنْ وَالَاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّه وَمَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّه , يَقُول اللَّه تَعَالَى : يَا حَمَلَة الْقُرْآن اِسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ بِتَوْقِيرِ كِتَابه يَزِدْكُمْ حُبًّا وَيُحَبِّبْكُمْ إِلَى عِبَادِهِ يُدْفَع عَنْ مُسْتَمِع الْقُرْآن بَلْوَى الدُّنْيَا وَيُدْفَع عَنْ تَالِي الْقُرْآن بَلْوَى الْآخِرَة وَمَنْ اِسْتَمَعَ آيَة مِنْ كِتَاب اللَّه كَانَ لَهُ أَفْضَل مِمَّا تَحْت الْعَرْش إِلَى التُّخُوم وَإِنَّ فِي كِتَاب اللَّه لَسُورَةً تُدْعَى الْعَزِيزَة وَيُدْعَى صَاحِبهَا الشَّرِيف يَوْم الْقِيَامَة تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا فِي أَكْثَر مِنْ رَبِيعَة وَمُضَر وَهِيَ سُورَة يس ) . وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَرَأَ سُورَة يس لَيْلَة الْجُمْعَة أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ ) . وَعَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِر فَقَرَأَ سُورَة يس خَفَّفَ اللَّه عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ حُرُوفِهَا حَسَنَات ) . فِي " يس " أَوْجُه مِنْ الْقِرَاءَات : قَرَأَ أَهْل الْمَدِينَة وَالْكِسَائِيّ " يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ " بِإِدْغَامِ النُّون فِي الْوَاو . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْأَعْمَش وَحَمْزَة " يَسِنْ " بِإِظْهَارِ النُّون . وَقَرَأَ عِيسَى بْن عُمَر " يَسِنَ " بِنَصْبِ النُّون . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَابْن أَبِي إِسْحَاق وَنَصْر بْن عَاصِم " يَسِنِ " بِالْكَسْرِ . وَقَرَأَ هَارُون الْأَعْوَر وَمُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع " يَسِنُ " بِضَمِّ النُّون ; فَهَذِهِ خَمْس قِرَاءَات . الْقِرَاءَة الْأُولَى بِالْإِدْغَامِ عَلَى مَا يَجِب فِي الْعَرَبِيَّة ; لِأَنَّ النُّون تُدْغَم فِي الْوَاو . وَمَنْ بَيَّنَ قَالَ : سَبِيل حُرُوف الْهِجَاء أَنْ يُوقَف عَلَيْهَا , وَإِنَّمَا يَكُون الْإِدْغَام فِي الْإِدْرَاج . وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ النَّصْب وَجَعَلَهُ مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُون مَفْعُولًا وَلَا يَصْرِفُهُ ; لِأَنَّهُ عِنْدَهُ اِسْم أَعْجَمِيّ بِمَنْزِلَةِ هَابِيل , وَالتَّقْدِير اُذْكُرْ يَسِينَ . وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ اِسْمًا لِلسُّورَةِ . وَقَوْلُهُ الْآخَر أَنْ يَكُون مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْح مِثْل كَيْف وَأَيْنَ . وَأَمَّا الْكَسْر فَزَعَمَ الْفَرَّاء أَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِقَوْلِ الْعَرَب جَيْرِ لَا أَفْعَل , فَعَلَى هَذَا يَكُون " يَسِنِ " قَسَمًا . وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَقِيلَ : مُشَبَّه بِأَمْسِ وَحَذَامِ وَهَؤُلَاءِ وَرَقَاشِ . وَأَمَّا الضَّمّ فَمُشَبَّهٌ بِمُنْذُ وَحَيْثُ وَقَطُّ , وَبِالْمُنَادَى الْمُفْرَد إِذَا قُلْت يَا رَجُل , لِمَنْ يَقِف عَلَيْهِ . قَالَ اِبْن السَّمَيْقَع وَهَارُون : وَقَدْ جَاءَ فِي تَفْسِيرهَا يَا رَجُلُ فَالْأَوْلَى بِهَا الضَّمّ . قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ " " يس " وَقْف حَسَن لِمَنْ قَالَ هُوَ اِفْتِتَاح لِلسُّورَةِ . وَمَنْ قَالَ : مَعْنَى " يس " يَا رَجُل لَمْ يَقِف عَلَيْهِ . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَغَيْرهمَا أَنَّ مَعْنَاهُ يَا إِنْسَان , وَقَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى : " سَلَام عَلَى آل يَاسِين " [ الصَّافَّات : 130 ] أَيْ عَلَى آل مُحَمَّد . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَدَلِيله " إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ " . قَالَ السَّيِّد الْحِمْيَرِيّ : يَا نَفْسُ لَا تَمْحَضِي بِالنُّصْحِ جَاهِدَةً عَلَى الْمَوَدَّةِ إِلَّا آلَ يَاسِين وَقَالَ أَبُو بَكْر الْوَرَّاق : مَعْنَاهُ يَا سَيِّد الْبَشَر . وَقِيلَ : إِنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه ; قَالَ مَالِك . رَوَى عَنْهُ أَشْهَب قَالَ : سَأَلْته هَلْ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَسَمَّى بِيَاسِين ؟ قَالَ : مَا أَرَاهُ يَنْبَغِي لِقَوْلِ اللَّه : " يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم " يَقُول هَذَا اِسْمِي يس . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ هَذَا كَلَام بَدِيع , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْد يَجُوز لَهُ أَنْ يَتَسَمَّى بِاسْمِ الرَّبّ إِذَا كَانَ فِيهِ مَعْنًى مِنْهُ ; كَقَوْلِهِ : عَالِم وَقَادِر وَمُرِيد وَمُتَكَلِّم . وَإِنَّمَا مَنَعَ مَالِك مِنْ التَّسْمِيَةِ بِـ " يَسِينَ " ; لِأَنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ ; فَرُبَّمَا كَانَ مَعْنَاهُ يَنْفَرِد بِهِ الرَّبّ فَلَا يَجُوز أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ الْعَبْد . فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : " سَلَام عَلَى آل يَاسِين " [ الصَّافَّات : 130 ] قُلْنَا : ذَلِكَ مَكْتُوب بِهِجَاءٍ فَتَجُوز التَّسْمِيَة بِهِ , وَهَذَا الَّذِي لَيْسَ بِمُتَهَجًّى هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَالِك عَلَيْهِ ; لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشْكَال ; وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : اِفْتَتَحَ اللَّه هَذِهِ السُّورَة بِالْيَاءِ وَالسِّين وَفِيهِمَا مَجْمَع الْخَيْر : وَدَلَّ الْمُفْتَتَح عَلَى أَنَّهُ قَلْب , وَالْقَلْب أَمِير عَلَى الْجَسَد ; وَكَذَلِكَ " يس " أَمِير عَلَى سَائِر السُّوَر , مُشْتَمِل عَلَى جَمِيع الْقُرْآن . ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا ; فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة : هُوَ بِلُغَةِ الْحَبَشَة . وَقَالَ الشَّعْبِيّ : هُوَ بِلُغَةِ طَيٍّ . الْحَسَن : بِلُغَةِ كَلْب . الْكَلْبِيّ : هُوَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ فَتَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَب فَصَارَ مِنْ لُغَتهمْ . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي [ طه ] وَفِي مُقَدِّمَة الْكِتَاب مُسْتَوْفًى . وَقَدْ سَرَدَ الْقَاضِي عِيَاض أَقْوَال الْمُفَسِّرِينَ فِي مَعْنَى " يس " فَحَكَى أَبُو مُحَمَّد مَكِّيّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لِي عِنْد رَبِّي عَشَرَة أَسْمَاء ) ذَكَرَ أَنَّ مِنْهَا طه وَيس اِسْمَانِ لَهُ . قُلْت : وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَسْمَانِي فِي الْقُرْآن سَبْعَة أَسْمَاء مُحَمَّد وَأَحْمَد وَطه وَيس وَالْمُزَّمِّل وَالْمُدَّثِّر وَعَبْد اللَّه ) قَالَهُ الْقَاضِي . وَحَكَى أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ عَنْ جَعْفَر الصَّادِق أَنَّهُ أَرَادَ يَا سَيِّد , مُخَاطَبَة لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : " يس " يَا إِنْسَان أَرَادَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ : هُوَ قَسَم وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه سُبْحَانَهُ . وَقَالَ الزَّجَّاج : قِيلَ مَعْنَاهُ يَا مُحَمَّد وَقِيلَ يَا رَجُل وَقِيلَ يَا إِنْسَان . وَعَنْ اِبْن الْحَنَفِيَّة : " يس " يَا مُحَمَّد . وَعَنْ كَعْب : " يس " قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ قَبْل أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاء وَالْأَرْض بِأَلْفَيْ عَام قَالَ يَا مُحَمَّد : " إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ " ثُمَّ قَالَ : " وَالْقُرْآن الْحَكِيم " . فَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَحَّ فِيهِ أَنَّهُ قَسَم كَانَ فِيهِ مِنْ التَّعْظِيم مَا تَقَدَّمَ , وَيُؤَكِّد فِيهِ الْقَسَمَ عَطْف الْقَسَم الْآخَر عَلَيْهِ . وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى النِّدَاء فَقَدْ جَاءَ قَسَم آخَر بَعْده لِتَحْقِيقِ رِسَالَته وَالشَّهَادَة بِهِدَايَتِهِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تكريم المرأة في الإسلام

    تكريم المرأة في الإسلام : لقد كرم الإسلام المرأة بأن جعلها مربية الأجيال، وربط صلاح المجتمع بصلاحها، وفساده بفسادها، لأنها تقوم بعمل عظيم في بيتها، ألا وهو تربية الأولاد الذين يتكوَّن منهم المجتمع، ومن المجتمع تتكون الدولة المسلمة. وبلغ من تكريم الإسلام للمرأة أن خصص لها سورة من القرآن سماها «سورة النساء» ولم يخصص للرجال سورة لهم، فدل ذلك على اهتمام الإسلام بالمرأة، ولا سيما الأم، فقد أوصى الله تعالى بها بعد عبادته، وفي هذه الرسالة بيان بعض صور تكريم الإسلام للمرأة.

    الناشر: موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314994

    التحميل:

  • شرح لمعة الاعتقاد [ صالح آل الشيخ ]

    لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد : رسالة مختصرة للعلامة ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، والقدر، واليوم الآخر، وما يجب تجاه الصحابة، والموقف من أهل البدع، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها ومنهم معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313434

    التحميل:

  • الخطب المنبرية

    هذه الرسالة تحتوي على بعض خطب الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264195

    التحميل:

  • مفسدات القلوب [ العشق ]

    مفسدات القلوب [ العشق ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن القلب السليم لا تكون له لذة تامة ولا سرور حقيقي إلا في محبة الله - سبحانه -، والتقرُّب إليه بما يحب، والإعراض عن كل محبوب سواه ... وإن أعظم ما يُفسِد القلب ويُبعِده عن الله - عز وجل -: داء العشق؛ فهو مرض يُردِي صاحبَه في المهالك ويُبعِده عن خير المسالك، ويجعله في الغواية، ويُضلُّه بعد الهداية ... فما العشق؟ وما أنواعه؟ وهل هو اختياري أم اضطراري؟ تساؤلات كثيرة أحببنا الإجابة عليها وعلى غيرها من خلال هذا الكتاب».

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355748

    التحميل:

  • من جهود سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم

    من جهود سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم: يُبرِز هذا الكتاب الجهود التي بذلها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى - في الدفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد تمثَّلت هذه الجهود في بعض الأمور؛ منها: كتابة المقالات والرسائل المُبيِّنة عِظَم سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمره بطباعة الكتب والرسائل التي تُشيد بهذه المسألة، وردُّه على كُتَّاب الصحف والمجلات بل والرؤساء الذين تطاولوا على جناب الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وغير ذلك من الأمور. - قدَّم للكتاب: فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339792

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة