Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة إبراهيم - الآية 22

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) (إبراهيم) mp3
يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا خَاطَبَ بِهِ إِبْلِيس أَتْبَاعه بَعْدَمَا قَضَى اللَّه بَيْن عِبَاده فَأَدْخَلَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّاتِ وَأَسْكَنَ الْكَافِرِينَ الدَّرَكَاتِ فَقَامَ فِيهِمْ إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه يَوْمئِذٍ خَطِيبًا لِيَزِيدَهُمْ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ وَغَبْنًا إِلَى غَبْنِهِمْ وَحَسْرَة إِلَى حَسْرَتِهِمْ فَقَالَ " إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ " أَيْ عَلَى أَلْسِنَة رُسُله وَوَعَدَكُمْ فِي اِتِّبَاعهمْ النَّجَاة وَالسَّلَامَة وَكَانَ وَعْدًا حَقًّا وَخَبَرًا صِدْقًا وَأَمَّا أَنَا فَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا " ثُمَّ قَالَ " وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ " أَيْ مَا كَانَ لِيَ دَلِيل فِيمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ وَلَا حُجَّة فِيمَا وَعَدْتُكُمْ بِهِ " إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي " بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ هَذَا وَقَدْ أَقَامَتْ عَلَيْكُمْ الرُّسُل الْحُجَج وَالْأَدِلَّة الصَّحِيحَة عَلَى صِدْق مَا جَاءُوكُمْ بِهِ فَخَالَفْتُمُوهُمْ فَصِرْتُمْ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ " فَلَا تَلُومُونِي" الْيَوْم " وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ " فَإِنَّ الذَّنْب لَكُمْ لِكَوْنِكُمْ خَالَفْتُمْ الْحُجَج وَاتَّبَعْتُمُونِي بِمُجَرَّدِ مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى الْبَاطِل " مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ " أَيْ بِنَافِعِكُمْ وَمُنْقِذكُمْ وَمُخَلِّصكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ " وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ" أَيْ بِنَافِعِي بِإِنْقَاذِي مِمَّا أَنَا فِيهِ مِنْ الْعَذَاب وَالنَّكَال" إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل " قَالَ قَتَادَة أَيْ بِسَبَبِ مَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل وَقَالَ اِبْن جَرِير : يَقُول إِنِّي جَحَدْت أَنْ أَكُونَ شَرِيكًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا الَّذِي قَالَ هُوَ الرَّاجِح كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاس كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ" وَقَالَ " كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا " وَقَوْله " إِنَّ الظَّالِمِينَ " أَيْ فِي إِعْرَاضهمْ عَنْ الْحَقّ وَاتِّبَاعهمْ الْبَاطِل لَهُمْ عَذَاب أَلِيم وَالظَّاهِر مِنْ سِيَاق الْآيَة أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَة تَكُون مِنْ إِبْلِيس بَعْد دُخُولهمْ النَّار كَمَا قَدَّمْنَا وَلَكِنْ قَدْ وَرَدَ فِي حَدِيث رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَازِم وَهَذَا لَفْظه وَابْن جَرِير مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن زِيَاد : حَدَّثَنِي دُخَيْن الْحَجَرِيّ عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِذَا جَمَعَ اللَّه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَقَضَى بَيْنهمْ فَفَرَغَ مِنْ الْقَضَاء قَالَ الْمُؤْمِنُونَ قَدْ قَضَى بَيْنَنَا رَبّنَا فَمَنْ يَشْفَع لَنَا ؟ فَيَقُولُونَ اِنْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَم وَذَكَر نُوحًا وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى فَيَقُول عِيسَى أَدُلّكُمْ عَلَى النَّبِيّ الْأُمِّيّ فَيَأْتُونِي فَيَأْذَن اللَّه لِي أَنْ أَقُوم إِلَيْهِ فَيَثُور مِنْ مَجْلِسِي مِنْ أَطْيَب رِيح شَمَّهَا أَحَد قَطُّ حَتَّى آتِيَ رَبِّي فَيُشَفِّعَنِي وَيَجْعَل لِي نُورًا مِنْ شَعْر رَأْسِي إِلَى ظُفْر قَدَمِي ثُمَّ يَقُول الْكَافِرُونَ هَذَا قَدْ وَجَدَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَع لَهُمْ فَمَنْ يَشْفَع لَنَا ؟ مَا هُوَ إِلَّا إِبْلِيس هُوَ الَّذِي أَضَلَّنَا فَيَأْتُونَ إِبْلِيس فَيَقُولُونَ قَدْ وَجَدَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَع لَهُمْ فَقُمْ أَنْتَ فَاشْفَعْ لَنَا فَإِنَّك أَنْتَ أَضْلَلْتنَا فَيَقُوم فَيَثُور مِنْ مَجْلِسه مِنْ أَنْتَنِ رِيح شَمَّهَا أَحَد قَطُّ ثُمَّ يَعْظُم نَحِيبُهُمْ " وَقَالَ الشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ " وَهَذَا سِيَاق اِبْن أَبِي حَاتِم وَرَوَاهُ الْمُبَارَك عَنْ رِشْدِين بْن سَعْد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زِيَاد بْن نُعَيْم عَنْ دُخَيْن عَنْ عُقْبَة بِهِ مَرْفُوعًا وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ رَحِمَهُ اللَّه لَمَّا قَالَ أَهْل النَّار " سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص " قَالَ لَهُمْ إِبْلِيس " إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ " الْآيَة فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَته مَقَتُوا أَنْفُسهمْ فَنُودُوا " لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ " وَقَالَ عَامِر الشَّعْبِيّ : يَقُوم خَطِيبَانِ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رُءُوس النَّاس يَقُول اللَّه تَعَالَى لِعِيسَى اِبْن مَرْيَم " أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ " - إِلَى قَوْله - " قَالَ اللَّه هَذَا يَوْم يَنْفَع الصَّادِقِينَ صِدْقهمْ " قَالَ وَيَقُوم إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه فَيَقُول " مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي " الْآيَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • المقدمة الجزرية

    المقدمة الجزرية : في هذه الصفحة نسخة مصورة pdf من المنظومة بتحقيق الشيخ أيمن سويد، وهي نسخة مضبوطة الرواية والشكل، واضحة ميسَّرة إن شاء الله تعالى. - والمقدمة الجزرية هي منظومة في تجويد الكلمات القرآنية، لشيخ القراء في زمانه الشيخ العلامة محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري الدمشقي المتوفي سنة (833 هـ) - رحمه الله تعالى -، وقد سماها: «المقدِّمة فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه». - وهذه المنظومة المباركة قد جرت عادة القرَّاء في شتَّى البلاد على الاعتناء بها؛ تلاوةً وشرحاً وحفظاً وتحفيظاً.

    المدقق/المراجع: أيمن رشدي سويد

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2102

    التحميل:

  • أركان الإسلام

    أركان الإسلام: يتناول هذا الكتاب الشرحَ المدعم بالدليل من الكتاب والسنة أركانَ الإسلام الخمسة، وهي (الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج)، وعُرض فيه كل ركن على حدة، مع بيان معناه، ودليله، وحكمه، وحكمته، وشروطه، وما يستلزم توضيحه من المباحث المتعلقة بكل ركن، وذلك بأسلوب رصين، وعبارات سلسلة، ولغة واضحة. وهذه الدراسة عن أركان الإسلام هي أحد برامج العمادة العلمية، حيث وجّهت بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة للكتابة في الموضوع ثمّ كلّفت اللجنة العلمية بالعمادة بدراسة ما كتبوه واستكمال النقص وإخراجه بالصورة المناسبة، مع الحرص على ربط القضايا العلمية بأدلّتها من الكتاب والسنّة. وتحرص العمادة - من خلال هذه الدراسة - إلى تمكين أبناء العالم الإسلامي من الحصول على العلوم الدينية النافعة؛ لذلك قامت بترجمتها إلى اللغات العالمية ونشرها وتضمينها شبكة المعلومات الدولية - الإنترنت -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/63370

    التحميل:

  • الغفلة .. مفهومها، وخطرها، وعلاماتها، وأسبابها، وعلاجها

    الغفلة .. مفهومها، وخطرها، وعلاماتها، وأسبابها، وعلاجها: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في: «الغفلة .. خطرها، وعلاماتها، وأسبابها، وعلاجها»، بيَّنت فيها بإيجاز: مفهوم الغفلة، والفرق بينها وبين النسيان، وخطر الغفلة، وأنها مرض فتَّاك مهلك، وبيَّنت علاماتها التي من اتَّصف بها فهو من الغافلين، وذكرت أسبابها، وعلاجها، بإيجاز».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339777

    التحميل:

  • رسالة إلى المتقاعدين

    رسالة إلى المتقاعدين : يشكل التقاعد نقطة تحول هامة في حياة الفرد، خصوصاً بعد فترة طويلة من ممارسة عمل معين ملأ عليه حياته، وأعطاه دوره ومكانته الاجتماعية؛ فالعمل ليس مهماً من حيث توفير دخل ثابت للفرد وأسرته فقط، وإنما له دوره النفسي الهام. فالعاطل عن العمل حتى لو توفر له الدخل المادي المناسب يعاني من عدم الإحساس بالكفاءة وأهميته الاجتماعية، وقد يرافق ذلك ازدياد في المشاكل الأسرية داخل الأسرة. وإن في التقاعد معنى ضمنياً بأن المجتمع بدأ يستغني عن الفرد وخدماته، ومن ثَمَّ فإن وجوده سيكون بعد ذلك عالة على غيره، لذلك فقد أثبتت الدراسات النفسية والطبية أن مستوى الانحدار في الصحة الجسمية والنفسية يكون أشد سرعة في السنوات اللاحقة للتقاعد منها في السنوات التي سبقت التقاعد، وفي هذه الرسالة بعض النصائح والتوجيهات المهمة لمن بلغ سن التقاعد؛ لإشاعة الفكر العملي لأولئك الإخوة؛ للفت نظرهم للعمل في المجالات الخيرة النافعة ديناً ودنياً.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66479

    التحميل:

  • إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان

    الكتاب عبارة عن ثلاثين درسًا تتضمن التذكير بفضائل هذا الشهر المبارك والحث على الجد والاجتهاد فيه، واغتنام أيامه ولياليه مع الإشارة إلى بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام والقيام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/53513

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة