Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الحج - الآية 18

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩ (18) (الحج) mp3
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ الْمُسْتَحِقّ لِلْعِبَادَةِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ فَإِنَّهُ يَسْجُد لِعَظَمَتِهِ كُلّ شَيْء طَوْعًا وَكَرْهًا وَسُجُود كُلّ شَيْء مِمَّا يَخْتَصّ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ شَيْء يَتَفَيَّأ ظِلَاله عَنْ الْيَمِين وَالشَّمَائِل سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ" وَقَالَ هَهُنَا " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض " أَيْ مِنْ الْمَلَائِكَة فِي أَقْطَار السَّمَوَات وَالْحَيَوَانَات فِي جَمِيع الْجِهَات مِنْ الْإِنْس وَالْجِنّ وَالدَّوَابّ وَالطَّيْر " وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلَّا يُسَبِّح بِحَمْدِهِ" وَقَوْله " وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم " إِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ عَلَى التَّنْصِيص لِأَنَّهَا قَدْ عُبِدَتْ مِنْ دُون اللَّه فَبَيَّنَ أَنَّهَا تَسْجُد لِخَالِقِهَا وَأَنَّهَا مَرْبُوبَة مُسَخَّرَة " لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ " الْآيَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب هَذِهِ الشَّمْس ؟ " قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب فَتَسْجُد تَحْت الْعَرْش ثُمَّ تُسْتَأْمَر فَيُوشِك أَنْ يُقَال لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت " وَفِي الْمُسْنَد وَسُنَن أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ فِي حَدِيث الْكُسُوف " إِنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر خَلْقَانِ مِنْ خَلْق اللَّه وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَد وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقه خَشَعَ لَهُ " وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة مَا فِي السَّمَاء نَجْم وَلَا شَمْس وَلَا قَمَر إِلَّا يَقَع لِلَّهِ سَاجِدًا حِين يَغِيب ثُمَّ لَا يَنْصَرِف حَتَّى يُؤْذَن لَهُ فَيَأْخُذ ذَات الْيَمِين حَتَّى يَرْجِع إِلَى مَطْلَعه وَأَمَّا الْجِبَال وَالشَّجَر فَسُجُودهمَا بِفَيْء ظِلَالهمَا عَنْ الْيَمِين وَالشَّمَائِل وَعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رَجُل فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي رَأَيْتنِي اللَّيْلَة وَأَنَا نَائِم كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْف شَجَرَة فَسَجَدْت فَسَجَدَتْ الشَّجَرَة لِسُجُودِي فَسَمِعْتهَا وَهِيَ تَقُول : اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدك أَجْرًا وَضْع عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدك ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدك دَاوُد قَالَ اِبْن عَبَّاس فَقَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَة ثُمَّ سَجَدَ فَسَمِعْته وَهُوَ يَقُول مِثْل مَا أَخْبَرَهُ الرَّجُل عَنْ قَوْل الشَّجَرَة . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه ; وَقَوْله " وَالدَّوَابّ" أَيْ : الْحَيَوَانَات كُلّهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث عَنْ الْإِمَام أَحْمَد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اِتِّخَاذ ظُهُور الدَّوَابّ مَنَابِر فَرُبَّ مَرْكُوبَة خَيْرًا أَوْ أَكْثَر ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ رَاكِبهَا وَقَوْله : " وَكَثِير مِنْ النَّاس " أَيْ يَسْجُد لِلَّهِ طَوْعًا مُخْتَارًا مُتَعَبِّدًا بِذَلِكَ " وَكَثِير حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَاب " أَيْ مِمَّنْ اِمْتَنَعَ وَأَبَى وَاسْتَكْبَرَ " وَمَنْ يُهِنْ اللَّه فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِم إِنَّ اللَّه يَفْعَل مَا يَشَاء " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَحْمَد اِبْن شَيْبَان الرَّمْلِيّ حَدَّثَنَا الْقَدَّاح عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ قَالَ قِيلَ لِعَلِيٍّ إِنَّ هَهُنَا رَجُلًا يَتَكَلَّم فِي الْمَشِيئَة فَقَالَ لَهُ عَلِيّ يَا عَبْد اللَّه خَلَقَك اللَّه كَمَا يَشَاء أَوْ كَمَا شِئْت قَالَ بَلْ كَمَا شَاءَ قَالَ فَيُمْرِضك إِذَا شَاءَ أَوْ إِذَا شِئْت قَالَ إِذَا شَاءَ قَالَ فَيَشْفِيك إِذَا شَاءَ أَوْ إِذَا شِئْت قَالَ إِذَا شَاءَ قَالَ فَيُدْخِلك حَيْثُ شِئْت أَوْ حَيْثُ شَاءَ قَالَ بَلْ حَيْثُ يَشَاء قَالَ وَاَللَّه لَوْ قُلْت غَيْر ذَلِكَ لَضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك بِالسَّيْفِ ; وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا قَرَأَ اِبْن آدَم السَّجْدَة اِعْتَزَلَ الشَّيْطَان يَبْكِي يَقُول يَا وَيْلَة أُمِرَ اِبْن آدَم بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّة وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَأَبَيْت فَلِيَ النَّار " رَوَاهُ مُسْلِم وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد مَوْلَى بَنِي هَاشِم وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِي قَالَا : حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَة قَالَ حَدَّثَنَا مِشْرَح بْن هَاعَان أَبُو مُصْعَب الْمَعَافِرِيّ قَالَ سَمِعْت عُقْبَة بْن عَامِر قَالَ قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَفُضِّلَتْ سُورَة الْحَجّ عَلَى سَائِر الْقُرْآن بِسَجْدَتَيْنِ قَالَ " نَعَمْ فَمَنْ لَمْ يَسْجُد بِهِمَا فَلَا يَقْرَأهُمَا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن لَهِيعَة بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَفِي هَذَا نَظَر فَإِنَّ اِبْن لَهِيعَة قَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالسَّمَاعِ وَأَكْثَر مَا نَقَمُوا عَلَيْهِ تَدْلِيسه وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو بْن السَّرْح أَنْبَأَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ عَامِر بْن جَشِيب عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان رَحِمَهُ اللَّه أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " فُضِّلَتْ سُورَة الْحَجّ عَلَى سَائِر الْقُرْآن بِسَجْدَتَيْنِ " ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا يَعْنِي مِنْ غَيْر هَذَا الْوَجْه وَلَا يَصِحّ وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدَّثَنِي اِبْن أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا يَزِيد بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرو حَدَّثَنَا حَفْص بْن غِيَاث حَدَّثَنِي نَافِع قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْجَهْم أَنَّ عُمَر سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي الْحَجّ وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ وَقَالَ إِنَّ هَذِهِ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث الْحَارِث بْن سَعِيد الْعُتَقِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُنَيْن عَنْ عَمْرو بْن الْعَاص أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأهُ خَمْس عَشْرَة سَجْدَة فِي الْقُرْآن مِنْهَا ثَلَاث فِي الْمُفَصَّل وَفِي سُورَة الْحَجّ سَجْدَتَانِ فَهَذِهِ شَوَاهِد يَشُدّ بَعْضهَا بَعْضًا.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • هؤلاء هم خصماؤك غدًا

    هؤلاء هم خصماؤك غدًا: قال المصنف - حفظه الله -: «فمع طول الأمل وتتابع الغفلة، وقلة الخوف من الله - عز وجل -، انتشرت ظاهرة الظلم التي قل أن يسلم منها أحد. ولأهمية تنزيه النفس عن هذا الداء الخبيث الذي يذهب بالحسنات ويجلب السيئات أقدم الجزء الرابع، من سلسلة رسائل التوبة. يختص بالظلم وأنواعه وسبل السلامة منه».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229607

    التحميل:

  • القواعد الفقهية: المنظومة وشرحها

    القواعد الفقهية: المنظومة وشرحها: قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: «فإني قد وضعتُ لي ولإخواني منظومةً مُشتملةً على أمهات قواعدِ الدين، وهي وإن كانت قليلةَ الألفاظ، فهي كثيرةُ المعاني لمن تأمَّلَها، ولكنها تحتاجُ إلى تعليقٍ يُوضِّحُها، ويكشِفُ معانيها وأمثلتَها، تُنبِّهُ الفَطِنَ على ما وراء ذلك، فوضعتُ عليها هذا الشرحَ اللطيفَ تيسيرًا لفَهمها». - اعتنى به: محمد بن ناصر العجمي - وفقه الله -.

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380515

    التحميل:

  • المستطاب في أسباب نجاح دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

    المستطاب في أسباب نجاح دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : بيان أسباب نجاح هذه الدعوة، مع بيان لماذا نحب هذه الدعوة ولماذا نجحت واستمرت؟!!

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144868

    التحميل:

  • كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية

    كتاب يتحدث عن الطريقة الصحيحة للعلاج بالرقية الشرعية، قدم له: الشيخ: عبد الله المنيع، الشيخ: عبد الله الجبرين، الشيخ: ناصر العقل، الشيخ: محمد الخميس، الشيخ: عبد المحسن العبيكان. - من مباحث الكتاب: خطوات وقواعد قبل العلاج: * الفراسة وتشخيص نوع المرض لاختلاف العلاج. * القرآن علاج لكل شيء ولا يعارض ذلك الأخذ بأسباب العلاج الأخرى. * القراءة التصورية على المريض بنية الشفاء، وعلى الجان بنية الهداية!. * الاعتقاد الجازم بأن الشفاء من الله وحده. * العين سبب لغالب امراض الناس!!. مباحث عن العين: * كيف تتم الإصابة بالعين وما شروط وقوعها؟ . * أقسام العائن، وقصة عامر مع سهل بن حنيف. * طريقة علاج العين وخطوات ذلك. * كيف تقي نفسك وأهلك من الإصابة بالعين؟ الأيات والأوراد التي تقرأ على المعيون، وكيف يرقي الإنسان نفسه؟ أنواع الحسد، وعلاقته بالعين والسحر. قصص واقعية عن تأثير الرقية الشرعية (الغيبوبة/ المشلول/ الأمعاء المعقدة/ المرض المجهول). أسئلة شاملة عن العين (الفرق بين الحاسد والمعجب/ كيفية الأخذ من الأثر!/ ما الاتهام وما فرقه عن التخيّل/ هل يصاب المتحصن بالاذكار؟/ اسباب انتشار العين وتسلّط الشياطين/ حكم استخدام الجن الصالحين).

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233612

    التحميل:

  • وفاء العقود في سيرة الشيخ حمود

    وفاء العقود في سيرة الشيخ حمود التويجري : الرحلة في طلب العلم رحلة مليئة بالذكريات والمواقف، تبتدئ من المحبرة وتنتهي في المقبرة، يُستقى فيها من معين الكتاب والسنة علوم شتى، ولما كان طلاب العلم يتشوقون إلى معرفة سير علمائهم؛ فقد حرصنا على توفير بعض المواد التي ترجمت لهم، ومنها كتاب وفاء العقود في سيرة الشيخ حمود التويجري، للشيخ عبد العزيز السدحان.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/307940

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة