Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأحزاب - الآية 25

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) (الأحزاب) mp3
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْأَحْزَاب لَمَّا أَجْلَاهُمْ عَنْ الْمَدِينَة بِمَا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ الرِّيح وَالْجُنُود الْإِلَهِيَّة وَلَوْ أَنَّ اللَّه جَعَلَ رَسُوله رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ لَكَانَتْ هَذِهِ الرِّيح عَلَيْهِمْ أَشَدّ مِنْ الرِّيح الْعَقِيم الَّتِي أَرْسَلَهَا عَلَى عَادٍ وَلَكِنْ قَالَ تَعَالَى " وَمَا كَانَ اللَّه لِيُعَذِّبهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " سَلَّطَ عَلَيْهِمْ هَوَاء فَرَّقَ شَمْلهمْ كَمَا كَانَ سَبَب اِجْتِمَاعهمْ مِنْ الْهَوَى وَهُمْ أَخْلَاط مِنْ قَبَائِل شَتَّى أَحْزَاب وَآرَاء فَنَاسَبَ أَنْ يُرْسِل عَلَيْهِمْ الْهَوَاء الَّذِي فَرَّقَ جَمَاعَتهمْ وَرَدَّهُمْ خَائِبِينَ خَاسِرِينَ بِغَيْظِهِمْ وَحَنَقهمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا لَا فِي الدُّنْيَا مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسهمْ مِنْ الظَّفَر وَالْمَغْنَم وَلَا فِي الْآخِرَة بِمَا تَحَمَّلُوهُ مِنْ الْآثَام فِي مُبَارَزَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَدَاوَةِ وَهَمّهمْ بِقَتْلِهِ وَاسْتِئْصَال جَيْشه وَمَنْ هَمَّ بِشَيْءٍ وَصَدَّقَ هَمَّهُ بِفِعْلِهِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة كَفَاعِلِهِ . وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال " أَيْ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى مُنَازَلَتهمْ وَمُبَارَزَتهمْ حَتَّى يُجْلُوهُمْ عَنْ بِلَادهمْ بَلْ كَفَى اللَّه وَحْده وَنَصَرَ عَبْده وَأَعَزّ جُنْده وَلِهَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده صَدَقَ وَعْده وَنَصَرَ عَبْده وَأَعَزّ جُنْده وَهَزَمَ الْأَحْزَاب وَحْده فَلَا شَيْء بَعْده " أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَحْزَاب فَقَالَ " اللَّهُمَّ مُنَزِّل الْكِتَاب سَرِيع الْحِسَاب اِهْزِمْ الْأَحْزَاب اللَّهُمَّ اِهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ " وَفِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال " إِشَارَة إِلَى وَضْع الْحَرْب بَيْنهمْ وَبَيْن قُرَيْش وَهَكَذَا وَقَعَ بَعْدهَا لَمْ يَغْزُهُمْ الْمُشْرِكُونَ بَلْ غَزَاهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي بِلَادهمْ قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق لَمَّا اِنْصَرَفَ أَهْل الْخَنْدَق عَنْ الْخَنْدَق قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا " لَنْ تَغْزُوكُمْ قُرَيْش بَعْد عَامكُمْ هَذَا وَلَكِنَّكُمْ تَغْزُونَهُمْ " فَلَمْ تَغْزُ قُرَيْش بَعْد ذَلِكَ وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يَغْزُوهُمْ بَعْد ذَلِكَ حَتَّى فَتَحَ اللَّه تَعَالَى مَكَّة . وَهَذَا الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدِيث صَحِيح كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَان حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق قَالَ سَمِعْت سُلَيْمَان بْن صُرَد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْأَحْزَاب " الْآن نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَا " وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ وَإِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق بِهِ وَقَوْله تَعَالَى " وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا " أَيْ بِحَوْلِهِ وَقُوَّته رَدَّهُمْ خَائِبِينَ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَأَعَزّ اللَّه الْإِسْلَام وَأَهْله وَصَدَقَ وَعْده وَنَصَرَ رَسُوله وَعَبْده فَلَهُ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الطعن في القرآن الكريم و الرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري

    الطعن في القرآن الكريم و الرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري : يحتوي هذا الكتاب على بيان تاريخ الطعن في القرآن والكتب المؤلفة فيه، ثم بيان أسباب الطعن في القرآن، مواجهة دعاوى الطعن في القرآن، موقف الطاعنين من آيات القرآن والرد عليهم. - ملحوظة: الكتاب نسخة مصورة pdf من إصدار دار البشائر، نقلاً عن مركز تفسير للدراسات القرآنية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/90694

    التحميل:

  • رسالة للمتأخرين عن الإنجاب

    رسالة للمتأخرين عن الإنجاب : فإن مما لاشك فيه أن حب الأولاد من بنين وبنات شيء فطري، جبل عليه الإنسان، وهو من محاسن الإسلام؛ لبقاء النوع البشري ولعمارة الكون، وغيرها من الفوائد الكثيرة. وفي هذه الرسالة - أخي الكريم - يخاطب المصنف شريحتين من شرائح المجتمع في هذا الجانب، كلاِّ بما يناسبها: الأولى: هم أولئك المتأخرون عن الإنجاب بغير قصد، ولديهم رغبة جامحة، ونفوسهم تتوق إلى رؤية نسلهم وخلفهم، وتأخروا عن الإنجاب مع تلمسهم لأسبابه، بتقدير الله - جل وعلا -. الثانية: المتأخرون عن الإنجاب بقصد، وهم أولئك الذين أخروا مسألة الإنجاب، وبرروا عملهم بمبررات واهية، أو تأثروا بشبه تلقفوها من هنا وهناك. وهذه الرسالة محاولة لتلمس المشكلة وبيان علاجها بالدليل الشرعي، وبيان أقوال أهل العلم في ذلك، نصيحة لعامة المسلمين التي حثنا عليها نبينا - عليه الصلاة والسلام - بقوله: «الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66724

    التحميل:

  • البصيرة في الدعوة إلى الله

    البصيرة في الدعوة إلى الله : قدم له معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - وقال عنه " حيث احتوى كتابه على محورين هامين؛ هما. البصيرة فيما يدعو إليه الداعية، والبصيرة في حال المدعوين، وكيفية دعوتهم، وقد ضمَّن المحورين فصولًا مهمة، ربط المؤلف فيه بين المنهج العلمي والعملي في طرحه لهذا الموضوع فجزاه الله خيرا "

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144958

    التحميل:

  • أدب الهاتف

    أدب الهاتف: فإن آداب الهاتف الشرعية، مخرجة فقهًا على آداب الزيارة، والاستئذان، والكلام، والحديث مع الآخرين، في المقدار، والزمان، والمكان، وجنس الكلام، وصفته، وفي هذا الكتاب بيان لذلك.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/169016

    التحميل:

  • وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول

    وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول: منظومة شعرية في علم أصول الفقه، كتبها فضيلة الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2479

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة