Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النساء - الآية 6

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) (النساء) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَابْتَلُوا الْيَتَامَى " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل أَيْ اِخْتَبِرُوهُمْ " حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح " قَالَ مُجَاهِد يَعْنِي الْحُلُم. قَالَ الْجُمْهُور مِنْ الْعُلَمَاء الْبُلُوغ فِي الْغُلَام تَارَة يَكُون بِالْحُلُمِ وَهُوَ أَنْ يَرَى فِي مَنَامه مَا يَنْزِل بِهِ الْمَاء الدَّافِق الَّذِي يَكُون مِنْهُ الْوَلَد . وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُد عَنْ عَلِيّ قَالَ حَفِظْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يُتْم بَعْد اِحْتِلَام وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْل " . وَفِي الْحَدِيث الْآخَر عَنْ عَائِشَة وَغَيْرهَا مِنْ الصَّحَابَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " رُفِعَ الْقَلَم عَنْ ثَلَاثة الصَّبِيّ حَتَّى يَحْتَلِم أَوْ يَسْتَكْمِل خَمْس عَشْرَة سَنَة . وَعَنْ النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَعَنْ الْمَجْنُون حَتَّى يُفِيق " وَأَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ الْحَدِيث الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : عُرِضْت عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أُحُد وَأَنَا اِبْن أَرْبَع عَشْرَة فَلَمْ يُجِزْنِي وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْم الْخَنْدَق وَأَنَا اِبْن خَمْس عَشْرَة سَنَة فَأَجَازَنِي . فَقَالَ عُمُر بْن عَبْد الْعَزِيز لَمَّا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيث إِنَّ هَذَا الْفَرْق بَيْن الصَّغِير وَالْكَبِير وَاخْتَلَفُوا فِي نَبَات الشَّعْر الْخَشِن حَوْل الْفَرْج وَهِيَ الشِّعْرَة هَلْ يَدُلّ عَلَى بُلُوغ أَمْ لَا ؟ عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال يُفَرَّق فِي الثَّالِث بَيْن صِبْيَان الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْمُعَالَجَة وَبَيْن صِبْيَان أَهْل الذِّمَّة فَيَكُون بُلُوغًا فِي حَقّهمْ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَجَّل بِهَا إِلَى ضَرْب الْجِزْيَة عَلَيْهِ فَلَا يُعَالِجهَا وَالصَّحِيح أَنَّهَا بُلُوغ فِي الْجَمِيع لِأَنَّ هَذَا أَمْر جِبِلِّيّ يَسْتَوِي فِيهِ النَّاس وَاحْتِمَال الْمُعَالَجَة بَعِيد ثُمَّ قَدْ دَلَّتْ السُّنَّة عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَلَى عَطِيَّة الْقُرَظِيّ قَالَ عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم قُرَيْظَة فَأَمَرَ مَنْ يَنْظُر مَنْ أَنْبَتَ فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِت خُلِّيَ سَبِيله فَكُنْت فِيمَنْ لَمْ يُنْبِت فَخُلِّيَ سَبِيلِي وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَهْل السُّنَن الْأَرْبَعَة بِنَحْوِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ سَعْد بْن مُعَاذ كَانَ قَدْ حَكَمَ فِيهِمْ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَة وَسَبْي الذُّرِّيَّة . وَقَالَ أَبُو عُبَيْد فِي الْغَرِيب حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حِبَّان عَنْ عُمَر أَنَّ غُلَامًا اِبْتَهَرَ جَارِيَة فِي شِعْره فَقَالَ عُمَر اُنْظُرُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يُوجَد أَنْبَتَ فَدَرَأَ عَنْهُ الْحَدّ قَالَ أَبُو عُبَيْد ابْتَهَرَهَا أَيْ قَذَفَهَا وَالِابْتِهَار أَنْ يَقُول فَعَلْت بِهَا وَهُوَ كَاذِب . فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَهُوَ الِابْتِيَار قَالَ الْكُمَيْت فِي شِعْره . قَبِيح بِمِثْلِي نَعْت الْفَتَاة إِمَّا اِبْتِهَارًا وَإِمَّا اِبْتِيَارًا وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ " قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَعْنِي صَلَاحًا فِي دِينهمْ وَحِفْظًا لِأَمْوَالِهِمْ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة وَهَكَذَا قَالَ الْفُقَهَاء إِذَا بَلَغَ الْغُلَام مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَاله اِنْفَكَّ الْحَجْر عَنْهُ فَيُسْلَم إِلَيْهِ مَاله الَّذِي تَحْت يَد وَلِيّه وَقَوْله " وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا " يَنْهَى تَعَالَى " عَنْ أَكْل أَمْوَال الْيَتَامَى مِنْ غَيْر حَاجَة ضَرُورِيَّة " إِسْرَافًا وَبِدَارًا " أَيْ مُبَادَرَة قَبْل بُلُوغهمْ . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ " عَنْهُ وَلَا يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا . وَقَالَ الشَّعْبِيّ : هُوَ عَلَيْهِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّم " وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا الْأَشَجّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان حَدَّثَنَا هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة " وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ " نَزَلَتْ فِي مَال الْيَتِيم . حَدَّثَنَا الْأَشَجّ وَهَارُون بْن إِسْحَاق قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة " وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " نَزَلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيم الَّذِي يَقُوم عَلَيْهِ وَيُصْلِحهُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا أَنْ يَأْكُل مِنْهُ . وَحَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعِيد الْأَصْبَهَانِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُسْهِر عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي وَالِي الْيَتِيم " وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " بِقَدْرِ قِيَامه عَلَيْهِ . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر عَنْ هِشَام بِهِ . قَالَ الْفُقَهَاء : لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْ أَقَلّ الْأَمْرَيْنِ أُجْرَة مِثْله أَوْ قَدْر حَاجَته . وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَرُدّ إِذَا أَيْسَرَ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ " أَحَدهمَا " لَا لِأَنَّهُ أَكَلَ بِأُجْرَةِ عَمَله وَكَانَ فَقِيرًا ; وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِيّ لِأَنَّ الْآيَة أَبَاحَتْ الْأَكْل مِنْ غَيْر بَدَل . قَالَ أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب حَدَّثَنَا حُسَيْن عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنْ رَجُلًا سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ لِي مَال وَلِي يَتِيم ؟ فَقَالَ " كُلْ مِنْ مَال يَتِيمك غَيْر مُسْرِف وَلَا مُبَذِّر وَلَا مُتَأَثِّل مَالًا وَمِنْ غَيْر أَنْ تَقِي مَالك - أَوْ قَالَ - تَفْدِي مَالك بِمَالِهِ " شَكَّ حُسَيْن . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر حَدَّثَنَا حُسَيْن الْمُكْتِب عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه قَالَ جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ عِنْدِي يَتِيمًا عِنْده مَال وَلَيْسَ لِي مَال آكُل مِنْ مَاله ؟ قَالَ " كُلْ بِالْمَعْرُوفِ غَيْر مُسْرِف " . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث حُسَيْن الْمُعَلِّم وَرَوَى اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَابْن مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيره مِنْ حَدِيث يَعْلَى بْن مَهْدِيّ عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان عَنْ أَبِي عَامِر الْخَزَّاز عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ جَابِر أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه مِمَّا أَضْرِب يَتِيمِي ؟ قَالَ " مِمَّا كُنْت ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدك غَيْر وَاقٍ مَالك بِمَالِهِ وَلَا مُتَأَثِّل مِنْهُ مَالًا " وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيّ إِلَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : إِنَّ فِي حِجْرِي أَيْتَامًا وَإِنَّ لَهُمْ إِبِلًا وَلِي إِبِل وَأَنَا أَمْنَح مِنْ إِبِلِي فُقَرَاء فَمَاذَا يَحِلّ لِي مِنْ أَلْبَانهَا ؟ فَقَالَ : إِنْ كُنْت تَبْغِي ضَالَّتهَا وَتَهْنَأ جَرْبَاهَا وَتَلُوط حَوْضهَا وَتَسْعَى عَلَيْهَا فَاشْرَبْ غَيْر مُضِلّ بِنَسْلٍ وَلَا نَاهِك فِي الْحَلْب . وَرَوَاهُ مَالك فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد بِهِ . وَبِهَذَا الْقَوْل وَهُوَ عَدَم أَدَاء الْبَدَل يَقُول عَطَاء أَبِي رَبَاح وَعِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ. " وَالثَّانِي " نَعَمْ لِأَنَّ مَال الْيَتِيم عَلَى الْحَظْر وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ فَيُرَدّ بَدَله كَأَكْلِ مَال الْغَيْر لِلْمُضْطَرِّ لَا عِنْد الْحَاجَة . وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا اِبْن خَيْثَمَة حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ سُفْيَان وَإِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ حَارِثة بْن مُضَرِّب قَالَ : قَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنَى أَنْزَلْت نَفْسِي مِنْ هَذَا الْمَال مَنْزِلَة وَالِي الْيَتِيم إِنْ اِسْتَغْنَيْت اِسْتَعْفَفْت وَإِنْ اِحْتَجْت اِسْتَقْرَضْت فَإِذَا أَيْسَرْت قَضَيْت . طَرِيق أُخْرَى قَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء قَالَ : قَالَ لِي عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنَّمَا أَنْزَلْت نَفْسِي مِنْ مَال اللَّه بِمَنْزِلَةِ وَالِي الْيَتِيم إِنْ اِحْتَجْت أَخَذْت مِنْهُ فَإِذَا أَيْسَرْت رَدَدْته وَإِنْ اِسْتَغْنَيْت اِسْتَعْفَفْت إِسْنَاد صَحِيح . وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْو ذَلِكَ . وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " يَعْنِي الْقَرْض . قَالَ وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدَة وَأَبِي الْعَالِيَة وَأَبِي وَائِل وَسَعِيد بْن جُبَيْر فِي إِحْدَى الرِّوَايَات وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ نَحْو ذَلِكَ . وَرُوِيَ مِنْ طَرِيق السُّدِّيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ يَأْكُل بِثَلَاثِ أَصَابِع ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سِنَان حَدَّثَنَا اِبْن مَهْدِيّ عَنْ سُفْيَان عَنْ الْحَكَم عَنْ مِقْسَم عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ يَأْكُل مِنْ مَاله يَقُوت عَلَى نَفْسه حَتَّى لَا يَحْتَاج إِلَى مَال الْيَتِيم. قَالَ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَمَيْمُون بْن مِهْرَان فِي إِحْدَى الرِّوَايَات وَالْحَاكِم نَحْو ذَلِكَ . وَقَالَ عَامِر الشَّعْبِيّ لَا يَأْكُل مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرّ إِلَيْهِ كَمَا يُضْطَرّ إِلَى الْمَيْتَة فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ قَضَاهُ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم. وَقَالَ اِبْن وَهْب حَدَّثَنَا نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم الْقَارِي قَالَ سَأَلْت يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ وَرَبِيعَة عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى " وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " الْآيَة . فَقَالَ ذَلِكَ فِي الْيَتِيم إِنْ كَانَ فَقِيرًا أُنْفِقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ فَقْره وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ مِنْهُ شَيْء وَهَذَا بَعِيد مِنْ السِّيَاق لِأَنَّهُ قَالَ " وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ " يَعْنِي مِنْ الْأَوْلِيَاء وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا أَيْ مِنْهُمْ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن حَتَّى يَبْلُغ أَشُدّهُ " أَيْ لَا تَقْرَبُوهُ إِلَّا مُصْلِحِينَ لَهُ فَإِنْ اِحْتَجْتُمْ إِلَيْهِ أَكَلْتُمْ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَوْله فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ يَعْنِي بَعْد بُلُوغهمْ الْحُلُم وَإِينَاسكُمْ الرُّشْد مِنْهُمْ فَحِينَئِذٍ سَلِّمُوا إِلَيْهِمْ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ " فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ " وَهَذَا أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُشْهِدُوا عَلَى الْأَيْتَام إِذَا بَلَغُوا الْحُلُم وَسَلَّمُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ لِئَلَّا يَقَع مِنْ بَعْضهمْ جُحُود وَإِنْكَار لِمَا قَبَضَهُ وَتَسَلَّمَهُ ثُمَّ قَالَ" وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا " أَيْ وَكَفَى بِاَللَّهِ مُحَاسِبًا وَشَاهِدًا وَرَقِيبًا عَلَى الْأَوْلِيَاء فِي حَال نَظَرهمْ لِلْأَيْتَامِ وَحَال تَسْلِيمهمْ لِأَمْوَالِهِمْ هَلْ هِيَ كَامِلَة مُوَفَّرَة أَوْ مَنْقُوصَة مَبْخُوسَة مُرَوَّج حِسَابهَا مُدَلَّس أُمُورهَا ؟ اللَّه عَالِم بِذَلِكَ كُلّه . وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يَا أَبَا ذَرّ إِنِّي أَرَاك ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبّ لَك مَا أُحِبّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اِثْنَيْنِ وَلَا تَلِيَنَّ مَال يَتِيم " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رسالة إلى كل من يؤمن بعيسى عليه السلام

    رسالة إلى من كل يؤمن بعيسى عليه السلام : هذا الكتاب يحتوي على إجابة الأسئلة الآتية: هل للكون إله؟، لماذا وجدنا؟، حقيقة الإله الحق، صفات الإله الحق، حقيقة يسوع - عليه السلام - ووصيته.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166801

    التحميل:

  • مسألة خلق القرآن وموقف علماء القيروان منها

    مسألة خلق القرآن وموقف علماء القيروان منها: هذه الرسالة كشف فيها المؤلف - حفظه الله - عن جهود علماء القيروان - رحمهم الله تعالى - في الذَّود عن مذهب مالك ونشره ليس في الفقه فحسب؛ بل في العقيدة أيضًا، وأنهم بذلوا جهدهم - بل وحياتهم - لذلك، ثم تبيَّن لي أن استيفاء هذا الموضوع طويل، وأنه يحتاج إلى جهد كبير وعلم واسع لا أملكه، فاقتصر منه على بعضه، وأخذ من مسائل الاعتقاد: مسألة خلق القرآن وموقف علماء القيروان منها، ودورهم في الذب عن عقيدة مالك في ذلك.

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364181

    التحميل:

  • الدروس المهمة لعامة الأمة

    الدروس المهمة لعامة الأمة: هذه الرسالة على صغر حجمها جمع المؤلف - رحمه الله - بين دفتيها سائر العلوم الشرعية من أحكام الفقه الأكبر والفقه الأصغر، وما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية، وختم هذه الرسالة بالتحذير من الشرك وأنواع المعاصي، فأتت الرسالة بما ينبغي أن يكون عليه المسلم عقيدة وعبادةً، وسلوكا ومنهجا، فهذه الرسالة اسم على مسمى فهي بحق الدروس المهمة لعامة الأمة.

    الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1871

    التحميل:

  • جامع الرسائل لابن تيمية

    جامع الرسائل لابن تيمية : نسخة مصورة بتحقيق الدكتور محمد رشاد سالم - رحمه الله - وتحتوي على الرسائل التالية: 1- رِسالة فِي قنوت الأشياء كلها لله تعالى. 2- رِسالة فِي لفظ السنة فِي القران. 3- رِسالة فِي قصّة شعيب عليه السلام. 4- رِسَالَة فِي الْمعَانِي المستنبطة من سُورَة الْإِنْسَان 5- رِسَالَة فِي قَوْله تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة 6- رِسَالَة فِي تَحْقِيق التَّوَكُّل. 7- رِسَالَة فِي تَحْقِيق الشكر. 8- رِسَالَة فِي معنى كَون الرب عادلا وَفِي تنزهه عَن الظُّلم. 9- رِسَالَة فِي دُخُول الْجنَّة هَل يدْخل أحد الْجنَّة بِعَمَلِهِ. 10- رِسَالَة فِي الْجَواب عَمَّن يَقُول إِن صِفَات الرب نسب وإضافات وَغير ذَلِك. 11- رِسَالَة فِي تَحْقِيق مَسْأَلَة علم الله. 12- رِسَالَة فِي الْجَواب عَن سُؤال عَن الحلاّج هَل كَانَ صدّيقًا أَو زنديقًا. 13- رِسَالَة فِي الرَّد على ابْن عَرَبِيّ فِي دَعْوَى إِيمَان فِرْعَوْن. 14- رِسَالَة فِي التَّوْبَة. 15- فصل فِي أَن دين الْأَنْبِيَاء وَاحِد. 16- فصل فِي الدَّلِيل على فضل الْعَرَب. 17- رِسَالَة فِي الصِّفَات الاختيارية. 18- شرح كَلِمَات من "فتوح الْغَيْب". 19- قَاعِدَة فِي الْمحبَّة.

    المدقق/المراجع: محمد رشاد سالم

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/273079

    التحميل:

  • رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية

    رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية: قال الشيخ - حفظه الله - في مقدمة الرسالة: «يعيش إخواننا في فلسطين هذه الأيام مرحلة عصيبة من تاريخهم، فالاستكبار اليهودي قد بلغ أوجّه، وكشف شارون عن وجه بني صهيون الحقيقي، فالقتل، والتشريد وهدم المنازل والحصار الاقتصادي الرهيب، وخامسة الأثافي: الخذلان المخزي من لدن المسلمين عامة والعرب خاصة لإخوانهم في فلسطين، كل هذه الأحوال تطرح سؤالاً مهمًّا؟ هل لهذا الأمر من نهاية؟ وهل لهذه البليَّة من كاشفة؟ ويتحدَّد السؤال أكثر: أين المخرج؟ وما هو السبيل؟ وبخاصة وقد بلغ اليأس مبلغه في نفوس كثير من المسلمين وبالأخصّ إخواننا في فلسطين، وأصبح التشاؤم نظرية يُروِّج لها البعض، مما زاد النفوس إحباطًا، والهمم فتورًا».

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337575

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة